شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   تفريغ المحاضرات و الدروس و الخطب ---------- مكتوبة (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=350)
-   -   قد جاءكم رمضان (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=270821)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 06-06-2016 06:46 PM

قد جاءكم رمضان
 
قد جاءكم رمضان


الشيخ عبدالله بن محمد البصري




أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].



أَيُّهَا المُسلِمُونَ، عَن قَرِيبٍ بِإِذنِ اللهِ وَتَوفِيقِهِ، تَستَقبِلُونَ شَهرًا هُوَ أَعظَمُ الشُّهُورِ وأَفضَلُهَا، وَتَدخُلُونَ مَوسِمًا هُوَ أَربَحُ المَوَاسِمِ وَأَغلاهَا، صَلاةٌ وَصِيَامٌ وَقِيَامٌ، وَقِرَاءَةُ قُرآنٍ وَإِطعَامُ طَعَامٍ، وَدُعَاءٌ وَقُنُوتٌ وَاعتِكَافٌ، وَتَبَتُّلٌ وَابتِهَالٌ وَاستِغفَارٌ، وَتَفطِيرُ صَائِمِينَ وَتَصَدُّقٌ عَلَى مُحتَاجِينَ، وَحِفظُ جَوَارِحَ وَكَفُّ أَذًى، وَتَسَابُقٌ في الخَيرِ وبَذلُ نَدًى، في مَحَاسِنَ لا تُعَدُّ وَمَنَافِعَ لا تُحصَى، وَحَسَنَاتٍ مُضَاعَفَةٍ وَأُجُورٍ تُهدَى، وَسُوقٍ لِلآخِرَةِ قَائِمَةٍ، وَتِجَارَةٍ مَعَ اللهِ رَابِحَةٍ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ * أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183 - 187]



أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَو أَنَّ سُوقًا لِلدُّنيَا قَامَت، وَظَنَّ دَاخِلُهَا أَنَّهُ سَيَربَحُ فِيهَا شَيئًا مِن مَتَاعِ قَلِيلٍ، لَمَا وَسِعَتِ كَثِيرِينَ بُيُوتُهُم مِنَ الفَرَحِ وَالابتِهَاجِ، وَلَمَا اهتَنَوا بِنَومٍ وَلا قَرَّ لهم قَرَارٌ، إِنَّهُم يَفرَحُونَ بِرِبحٍ يَسِيرٍ يَعلَمُونَ أَنَّهُ سَيَزُولُ عَنهُم أَو هُم عَنهُ زَائِلُونَ ﴿ وَفَرِحُوا بِالحَيَاةِ الدُّنيَا وَمَا الحَيَاةُ الدُّنيَا في الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ ﴾ [الرعد: 26] أَفَلا يَفرَحُ المُؤمِنُونَ وَقَد أَقبَلُوا عَلَى سُوقٍ لِلآخِرَةِ سَتَقُومُ، وَرِبحُهَا بَاقٍ عِندَ الغُفُورِ الشَّكُورِ الحَيِّ القَيُّومِ، بَلَى وَاللهِ، إِنَّ المُؤمِنِينَ لَحَقِيقُونَ أَن يَفرَحُوا بِما يَستَحِقُّ الفَرَحَ ﴿ قُلْ بِفَضلِ اللهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفرَحُوا هُوَ خَيرٌ مِمَّا يَجمَعُونَ ﴾ [يونس: 58] لَقَدَ فَرِحَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِرَمَضَانَ، فَبَشَّرَ أَصحَابَهُ - رَضِيَ اللهُ عَنهُم - بِهِ وَقَالَ: " قَد جَاءَكُم رَمَضَانُ، شَهرٌ مُبَارَكٌ، افتَرَضَ اللهُ عَلَيكُم صِيَامَهُ، تُفتَحُ فِيهِ أَبوَابُ الجَنَّةِ، وَتُغلَقُ فِيهِ أَبوَابُ الجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيلَةٌ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ، مَن حُرِمَ خَيرَهَا فَقَد حُرِمَ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَالنَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَهَكَذَا أَخبَرَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - أَنَّ مَن فَرِحَ بِرَمَضَانَ هُنَا، فَرِحَ بِهِ عِندَ رَبِّهِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لِلصَّائِمِ فَرحَتَانِ يَفرَحُهُمَا: إِذَا أَفطَرَ فَرِحَ بِفِطرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَومِهِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. إِنَّنَا قَادِمُونَ عَلَى شَهرٍ يُضَاعَفُ فِيهِ الأَجرُ وَتُجزَلُ المَثُوبَةُ، مَن صَامَهُ وَقَامَهُ وَقَامَ لَيلَةَ القَدرِ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا، وَتَرَكَ الشَّهَوَاتِ خَوفًا مِن رَبِّهِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ، وَعَظُمَ عِندَ مَولاهُ أَجرُهُ، في الـحَدِيثِ الَّذي رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ : " كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الحَسَنَةُ بِعَشرِ أَمثَالِهَا إِلى سَبعِ مِئَةِ ضِعفٍ، قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: إِلاَّ الصَّومَ فَإِنَّهُ لي وَأَنَا أَجزِي بِهِ، يَدَعُ شَهوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِن أَجلِي " ألا فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالَى - وَأَحسِنُوا استِقبَالَ الشَّهرِ الكَرِيمِ بِالتَّوبَةِ النَّصُوحِ مِن جَمِيعِ الذُّنُوبِ ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31] وَالعَزِيمَةَ العَزِيمَةَ، فَإِنَّمَا تُنَالُ الغَنَائِمُ بِالعَزَائِمِ، وَجَاهِدُوا أَنفُسَكُم وَاشحَذُوا هِمَمَكُم وَأَحسِنُوا، فَإِنَّمَا يُهدَى العَبدُ عَلَى قَدرِ مُجَاهَدَتِهِ، وَيَكُونُ رَبُّهُ مَعَهُ عَلَى قَدرِ إِحسَانِهِ ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69] اِلزَمُوا بُيُوتَ رَبِّكُم في شَهرِكُم تُدرِكُوا كُلَّ خَيرٍ، وَأَحسِنُوا البِدَايَةَ تُشرِقْ لَكُمُ النِّهَايَةُ، وَأَلِحُّوا عَلَى رَبِّكُم بِالدُّعَاءِ يُوَفِّقْكُم، وَسَابِقُوا وَسَارِعُوا وَاستَبِقُوا الخَيرَاتِ ؛ فَإِنَّهُ لا يَستَوِي مَن بَذَلَ وَعَمِلَ وَاجتَهَدَ، بِمَن فَرَّطَ وَتَكَاسَلَ وَقَعَدَ ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ * قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 9، 10]



أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاذكُرُوهُ وَلا تَنسَوهُ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [الحشر: 18 - 20].



أَيُّهَا المُسلِمُونَ، رَمَضَانُ عَلَى الأَبوَابِ قَابَ قَوسَينِ أَو أَدنَى، وَسَيَهِلُّ هِلالُهُ عَلَى أُنَاسٍ أَحرَارٍ وَآخَرِينَ أَسرَى، وَسَيَدخُلُ وَفِينَا أَصِحَّاءُ وَمِنَّا مَرضَى، وَسَيَبدَأُ وَقَد مَاتَ قَومٌ كَانُوا مَعَنَا فِيمَا مَضَى، أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - سَيَأتِي رَمَضَانُ وَفي الأُمَّةِ مُنَعَّمُونَ بِـالأَمنِ وَالطُّمَأنِينَةِ، وَآخَرُونَ في مُخَيَّمَاتِ اللاَّجِئِينَ أَو مُشَرَّدُونَ مَطرُودُونَ، كَم في العِرَاقِ وَالشَّامِ وَاليَمَنِ وَغَيرِهَا مِن بِلادِ المُسلِمِينَ، مِن إِخوَةٍ لَنَا يُعَانُونَ أَلَمَ الجُوعِ وَحَرَارَةَ العَطَشِ، وَيُقَاسُوَن الذُّلَّ وَالخَوفَ وَالعُرِيَّ، يُسَامُونَ العَذَابَ مِمَّن لا يَرقُبُونَ في مُؤمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً، فَهَل تَأَمَّلَ عَبدٌ رَزَقَهُ اللهُ الصِّحَّةَ في بَدَنِهِ، وَوَهَبَهُ الأَمنَ في وَطَنِهِ، يَدخُلُ عَلَيهِ رَمَضَانَ وَهُوَ في كَامِلِ قُوَّتِهِ، مُتَمَتِّعًا بِصِحَّتِهِ، بَينَ أَهلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، هَل تَأَمَّلَ قَدرَ نِعمَةِ اللهِ عَلَيهِ فَشَكَرَ لَهُ وَعَمِلَ بما يُرضِيهِ ؟! إِنَّهُ وَإِن كَانَ أُولَئِكَ المُسلِمُونَ المُستَضعَفُونَ قَد كُبِّلُوا وَأُسِرُوا وَشُرِّدُوا، أَو حُرِمُوا الأَمنَ وَالرَّاحَةَ وَهَنِيءَ الطَّعَامِ وَسَائِغَ الشَّرَابِ، فَإِنَّ المُكَبَّلَ في الحَقِيقَةِ مَن حَبَسَتهُ الشَّهَوَاتُ، وَالمَأسُورُ مَن أَسَرَتهُ المَعَاصِي وَالسَّيِّئَاتُ، وَالمَحرُومُ حَقًّا مَن حُرِمَ الخَيرَ في رَمَضَانَ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " رَغِمَ أَنفُ رَجُلٍ ذُكِرتُ عِندَهُ فَلَم يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمُ أَنفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيهِ رَمَضَانُ ثم انسَلَخَ قَبلَ أَن يُغفَرَ لَهُ، وَرَغِمُ أَنفُ رَجُلٍ أَدرَكَ عِندَهُ أَبَوَاهُ الكِبرَ فَلَم يُدخِلاهُ الجَنَّةَ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.





المصدر...


الساعة الآن 11:55 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM