شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   تفريغ المحاضرات و الدروس و الخطب ---------- مكتوبة (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=350)
-   -   مدَاوَلاَتُ الأَيَّامِ بَيْنَ الأَنَامِ (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=58130)

منتدى فرسان الحق 08-24-2014 09:20 PM

مدَاوَلاَتُ الأَيَّامِ بَيْنَ الأَنَامِ
 
مدَاوَلاَتُ الأَيَّامِ بَيْنَ الأَنَامِ

الشيخ حسين شعبان وهدان






الحمد لله رب الأكوان، الذي خلق الإنسان علمه البيان، عظيم المجد والسلطان، أجرى على خلقه آياتٍ باهراتٍ توقظ القلب وتستفزُ المشاعر، وتُلْجِمُ المعاند والمكابر، نسأله المنَّ بالستر الجميل وعدم الحرمان من الفضل الجزيل يوم العرض بالغفران.


يا أخا الإسلام:
هَوِّنِ الأمر تعشْ في رَاحةٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كلُّ ما هوَّنتَ إلا سيهونْ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ليس أمر المرء سهلاً كله http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إنما الأمر سُهُولٌ وَحُزُونْ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ربما قَرَّتْ عُيُونٌ بشجِيٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مُرْمَضٍ سَخَنَتْ مِنْهُ عُيُونْ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

تَطْلُبُ الرَّاحَةَ في دَارِ العَنَا؟ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
خَابَ مَنْ يطلبُ شيئاً لا يكونْ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



وأشهد أن لا إله إلا الله ولي كل نعمةٍ وربُّ كلِّ مِنَّةٍ، أَعَدَّ النَّارَ للْكَافِرينَ والعُصَاةِ وللمؤمنين الطائعين الجنة.


وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، الذي أعز الله به المؤمنين وخذل برسالته الكافرين والمارقين، وألزم المسلمين بشرعته فراديس الوئام والمحبة بعد أن كانوا في الشتات هائمين.


اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:
فمن شأن الأيام أنها قُلَّبٌ لا تدوم على حالٍ ولا يُكتب لأحدٍ فيها السلامة الدائمة من جميع آفاتها، وكما قيل: "ما من شجرة إلا وقد مستها الريح"، وما من آدميٍّ إلا وقد تغيرت عليه أعلام التنقل بين أضداد المعاني فقراً وغنىً ومرضاً وصحةً وسعادةً وشقاوةً، فهذا شأن الأيام وهي سنة الله في خلقه التي لا تحابي أحداً ولا تَنْسَى أحداً، وقد صدق إمامنا الشافعي رحمه الله تعالى وأجاد وأفاد حين قال:
الدهرُ يومانِ ذا أمنٌ وذا خطرُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والعيشُ عيشانِ ذا صفوٌ وذا كَدَرُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

أما ترى البحر تعلو فوقه جيفٌ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وتستقر بأقصى قاعه الدررُ؟ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وفي السماء نجومٌ لا عِداد لها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وليس يكسف إلا الشمس والقمرُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

قل للذي بصروف الدهر غيرنا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هل عاندَ الدهر إلا من له خطر؟ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنتْ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولم تخفْ سوءَ ما يأتي به القَدُرُ؟ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




عبرٌ من سالف الأزمان:
ومن قلب التاريخ الشاهد على رسوخ أضداد المعاني في حياة الناس نقف على هذه الأحداث الموغلة في معاني التقلب بين العسر واليسر وتداول الأيام للمعاني ومداولاتها بين الأنام بالأعاجيب.


فقد كان "سابور" قائد الفرس الشهير يعذب أسرى العرب على طريقة "نزع الأكتاف" يعني يقوم بنزع أكتافهم وهم أحياء فكانوا يموتون بأشنع طريقةٍ، وقد فعل ذلك بخمسين ألفاً من أشهر القبائل العربية كتميمٍ وبكرٍ وغيرهما، ورأت عجوزٌ عربيةٌ هذه المشاهد فقالت: إن لهذا قِصَاصاً ولو بعد حين.


وصفى المسلمون الحساب مع الفرس كُلِّهِمْ في القادسيَّة، وقبلها بزمانٍ كانت بداية الدعوة الغراء، حيث وقف جمعٌ من المسلمين الأوائل أمام "يزدجر" يدعونه بدعوة هذا الدين ويعرضون عليه الإسلام، وكان رده لهم عجباً: ((والله ما أعلم قوماً أشقى منكم ولا أقل عدداً، فإن كثر عددكم فلا يغرنكم، وإن كان هو الجوع والفقر فرضنا لكم طعاماً وكسوةً وملَّكْنَا عليكم من يرفق بكم، إنا لا نشتهي قتلكم ولا أسركم))، فقال المغيرة - رضي الله عنه -: دعوني أرد عليه، قالوا: كفءٌ كريمٌ.


قال: اختَرْ ولا تُكْثِرْ، تسلم فتنجو ومن معك أو الجزية عن يدٍ وأنت صاغر أو السيف حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.


قال: أتستقبلني بمثل هذا أيها العبد؟!.


قال: ما استقبلت إلا من كَلَّمَنِي ولوْ كَلَّمَنِي غيرُك ما استقبلته.


قال: أما إنه لولا أنَّ الرسل لا تُقْتَلُ لقتلتكم، لا حاجة لكم عندي، ارجعوا ليس لكم إلا "رستم" يدفنكم غداً في خنادق القادسية.


قالوا: ستعلم ونعلم.


ودب الخوف في نفسه وبدأ يقلب الأمر على وجوهٍ كثيرةٍ، بيد أنه لم يكن يعلم أن الإسلام قد غير هذا الجنس العربي وصاغهم صياغةً جديدة غير التي كان يعرفها فلم يعودوا هؤلاء القوم الذين كان لا يؤبه لهم.


وقد أمر رجاله إن ظفروا بأحدٍ من المسلمين أن يحضروه، وظفر جنود "يزدجر" بأسيرٍ على حدود أرضهم من عامة المسلمين، فلما مَثُلَ بين يَدَيْ "يزدجر" فقال له: ما جاء بكم؟


قال: جئنا نطلب موعودَ الله.

قال "يزدجر": وما موعودُ الله؟


قال: أرضكم ودياركم وأموالكم ونساؤكم إلا أن تسلموا.


قال: فإن قتلناكم قبل ذلك؟


قال: موعود الله لمن قُتِلَ الجنة، ومن بقيَ أرضُكم ونساؤكم وأموالكم وأبناؤكم.

قال: أوقعنا الله في أيديكم؟


قال: أيها الملك؛ إنَّا لعَلَى يقِينٍ، لا يغرنَّك مَنْ حولك، إنك لست تحارب الإنس، وإنما تحارب قضاء الله وقدره ونحن قضاء الله وقدره، فاستشاطَ غضباً فأمر بقتله فقتلوه رحمه الله وتقبله في الشهداء.


وفي آخر مراسم الإعداد للمعركة يستوي "رستم" القائد الفارسيُّ المجرب على صهوة جواده في حركةٍ لافتةٍ من غير أن يمس الركاب وهو يقول في حزمٍ وتأكيد: غداً ندقهم، فقال له سائس فرسه: إن شاء الله، فقال في كبرٍ وعنجهيَّةٍ: وإن لم يَشَأْ، إنما ضَعَا الثعلب حين مات الأسد وأخشى أن تكون سنة القرود.
فكان كعنز السوء قامت بظلفها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إلى مديةٍ تحت الرماد تثيرها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



وبدأت المعركة وكان "رستم" يديرها وهو يشم روائح العطر حتى جاءه "هلال التيمي" - رضي الله عنه - فأصابه إصاباتٍ بالغة وكسر بعض فقار ظهره ثم طفق يلاحقه ورستم قد فرَّ إلى النهر متخففاً من بعض أثقاله فرمى برمحه ثم رمى بسيفه وبعض أثوابه وألقى بنفسه في النهر وهلال له بالمرصاد يرمى بنفسه خلفه ويأخذ برجله ويخرجه من النهر ثم يضربه بالسيف ففلق رأسه ثم ألقى بجثته بين أرجل البغال وصاح: قتلت رستم ورب الكعبة، وتهدم قلب جيش الفرس وطار في نفوسهم طائر الرعب من المسلمين وانهزموا تحت رايات الإسلام الفاتح ونصر الله المؤمنين نصراً مؤزراً.


وتغيرت من بعدها الدنيا، إذ كانت فارس هي الإمبراطورية الباقية كالشوكة في الخاصرة، ومن بعد ذلك انطلق الإسلام في شرق الكرة الأرضية ليخرج الناس إلى عبادة الله العزيز الحميد.


فمن كان يتوهم - فضلاً عن الظن - أن الإسلام سينتصر بعد هذا العسر والصد والكيد؟


إنها سنة الله تعالى في عباده وقضاؤه النافذ في خلقه جعله ميزان الأرض وقانوناً لا يتجانف بالهوى ولا الميل لأي أحدٍ ولا لأيِّ أمةٍ، قال الله تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾[1].


إن الضعيف لن يظل على ذلك إلى الأبد وكذلك القوي، فالأيام دول، وإن الظالم لن يبقى يعربد بغير نهاية لظلماته.. فالأيام دول، وسينجو المظلومون يوماً من قبضة من ساموهم سوء المحن والآلام، وانظر يا عبد الله إلى ملوك الزمن القليل الذي مضى وانقضى، أين هم الآن؟! لقد أزال الله ملكهم وبدد عروشهم لأنها ما قامت على العدل والبطانة الصالحة.


ومن جنبات التاريخ يأتينا خبر المعتمد بن عباد ضرباً من الأعاجيب المرسِلة لسواخن الدمع ﴿ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: من الآية 37]، حيث كان أشهر ملوك الطوائف في بلاد الأندلس، وقد تخطى حدود الجبروت والظلم مع أنه كان شديد البأس في معاركه وشاعراً ومنادماً في مجالس الأدباء قد وسع وقته لورود هذه الأدوار التي يتقلب فيها أهل الملك من فرط النعيم.


ومن سنن الله تعالى أنه يمهل الظالم علَّهُ أن يتوب ويرد المظالم وإلا؛ فقد جاء عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾[2] [3].


ولما اشتد الظلم من المعتمد تغيرت له الأحوال وبدا له من دنياه ما لم يكن يخطر له على بال، فقد أمر "يوسف بن تاشفين" قائد المرابطين في بلاد الأندلس بإسقاط عرش المعتمد فاندفعت تلك الجيوش نحو "رندة" ذات الحصون فاستولوا عليها وقتلوا ولده "الراضي" ثم اندفعوا نحو "قرطبة" ففتحوها وقتلوا ابنه "المأمون" وتقدمت قواتهم فأخضعت "إشبيلية".


وداهمت قصره جموعٌ من الأندلسيين والمرابطين لا قِبَلَ للمعتمد بها فاستسلم فقبض عليه، وأحكم وثاقه وأودع مع أفراد أسرته سفينةً سارت في الوادي الكبير والناس على الشاطئين يعتبرون أو يبكون، ثم عبر بهم المضيق إلى أفريقية "المغرب"، وسيق الى "أغْمَات" حيث تُرِكَ في سجنها ومعه زوجته أم الربيع وبناته يقاسمنه الآلام تارةً ويحركن ساكن أشْجَانِهِ أخرى.


ولبث في السجن أربع سنوات يعاني مع أسرته العذاب المهين حتى وافاه قدره ومات ودفن بأغمات.


وحاله يعبر عن معاناةٍ شديدةٍ، بعد انتقاله من العز إلى الذل ومن الصحة إلى المرض ومن الغنى إلى الفقر ومن النفوذ والجاه والأولاد والسلطان إلى الحرمان من هذا كله ومات ولداه وتقلبت بناته بعد ذلك في دركات الفقر والحاجة والخشونة بعد النعومة والغنى، وقضى ما تبقى له من بقايا عمره بين جدران السجن في عذابٍ روحيٍّ لا يوصف، وقد كشفت لنا كلماته المعبرة بعضاً من آلامه في سجنه إذ يقول مصوِّراً معاناته عن نفسه:
فيما مضى كنت بالأعياد مسروراً http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فساءك العيدُ في أغماتَ مأسورا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ترى بناتِكَ في الأطمارِ جائعةً http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يَغْسِلْنَ للنَّاسِ ما يملِكْنَ قِطْمِيرا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

برزْنَ نحْوك للتسْليمِ خاشِعةً http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أَبْصَارُهُنَّ حسِيراتٍ مَكَاسِيرا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

يطأْنَ في الطِّينِ والأَقْدَامُ حَافِيةٌ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كأنَّها لمْ تطأْ مِسْكاً وكافُورا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

مَنْ بَاتَ بعْدكَ في مُلْكٍ يُسَرُّ بهِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فإِنَّمَا بَاتَ بالأَحْلامِ مسْرُورا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



ومثله في الهم كان هذا الرجل الضرير الصابر الذي جاء إلى عبد الملك بن مروان رحمه الله تعالى لا ليطلب منه شيئاً ولكن ليوقفه على خبرٍ من أعاجيب الأقدار، [فسأله الخليفة الوليد عن سبب ذهاب بصره، فقال الرجل: ياأمير المؤمنين، لم يكن هناك في بني عبس رجل يزيد ماله على مالي ولا يكثر عني أهلًا أو ولداً، فنزلت أنا وأهلي ومالي في بطن أحد الوديان التي يسكنفيها قومي، فجاء سيلٌ شديدٌ لم نر مثله قط، فذهب بجميع ما كان لي من أهلٍ وولدٍ ومالٍ، ولم يترك لي سوى بعيرٍ واحدٍ وطفلٍ صغيرٍ حديث الولادة، وكان البعير صعب المراس، فشرد مني، فوضعت الصبي على الأرض لكي أتمكن من تتبع البعير، فلم أجاوز مكاني إلا قليلاً حتى سمعت صيحة ابني، فالتفت فوجدت رأس الطفل في فم الذئب وهو يأكله، فجريت إليه ولكن لم استطع إنقاذه، فقد كان قد أتى عليه، فالتفت أجري نحو البعير لأحبسه، فلما دنوت منه رفسني برجله على وجهي فحطّم جبيني وذهب ببصري، وهكذا وجدت نفسي في ليلةٍ واحدةٍ بلا مالٍ ولا أهلٍ ولا ولدٍ ولا بصرٍ، فقال الوليد لحاجبه: انطلقوا به إلى عروة بن الزبير ليعلم أن في الناس من هو أعظم منه بلاء] (وفيات الأعيان وأنباء أبناءالزمان، لأبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان، تحقيق د/ إحسان عباس، دار صادر، بيروت، ج3 ص: 256، في ترجمة عروة بن الزبير. ونقلها أيضا عبد الرحمن رأفت الباشا في: صور من حياة التابعين، دار الأدب الإسلامي ص: 38 – 51 / 1997، في قصة عروة بن الزبير).


وعن محنة المسلمين بعد ضياع الأندلس الخضراء وقف على أطلال مبانيها ومعانيها أبو البقاء الرندي وهو يمزح الحكمة بالآلام قائلاً:
لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلا يُغَرُّ بطيب العيش إنسانُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

هي الأمور كما شاهدتها دولٌ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمان http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وهذه الدار لا تبقى على أحد http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولا يدوم على حال لها شان http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

أين الملوكُ ذَوِي التيجان من يَمَنٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وأين منهم أكاليلٌ وتيجان http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وأين ما شادهُ شدَّادُ في إِرَمٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وأين ما ساسه في الفرس ساسان http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وأين ما حازه قارون من ذهبٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وأين عادٌ وشدادٌ وقحطان http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

أتى على الكل أمرٌ لا مردَّ له http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
حتى قضوا فكان القوم ما كانوا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



وحال الخلق لا يثبت على عطاءٍ أو حرمانٍ كما قال القائل:
هي الأقدار لا تبقي عزيزاً http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وساعات السرور بها قليلة http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

إذا نشر الضياء عليك نجمٌ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وأشرق فارتقب يوماً أفوله http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



نعم، هذه طبيعة الحياة الدنيا أنها دائماً مترحِّلة بالخلق بين أضداد الأحوال فما لها من قرار و لا دوامٍ ولا أمانٍ:
رأيت الدهر مختلفاً يدورُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
حزنٌ يدوم ولا سرورُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وشيَّدت الملوكُ به قُصورًا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فما بقيَ الملوكُ ولا القُصورُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



وفي ظلال هذا التغير الدنيوي ومداولات الأيام وعدم ثباتها على المؤمن أن يستجمع الصبر مهما كان مرّاً، خصوصاً إذا ادعى أهل النقص تمام الفضل وعند فشو الجهل وتطاول الأرض على السماء العالية، إذ لما وثبت الأيام في مداولاتها وثبةً بصاحب الحجا والعقل الرشيد فما عساه إلا أن يفعل كما قال القائل:
ولما رأيتُ الجهْلَ في الناسِ فَاشِياً http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
تجاهلتُ حتى قيلَ أني جَاهِلُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فوا عجباً كمْ يدَّعِي الفضلَ نَاقِصٌ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ووأسفاً كمْ يُظْهِرُ النَّقْصَ فَاضِلُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وقال السُهى للشمس أنت خفيةٌ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وقال الدُّجَى يا صُبْحُ لَوْنُكَ حَائِلُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وطاولتِ الأَرْضُ السَّمَاءَ سَفَاهَةً http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وفَاخَرَتِ الشُّهُبُ الحَصَى والجَنَادِلُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فيا موت زرْ إن الحياة ذميمةٌ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ويا نفس جِدِّي إن دهْرَكِ هَازِلُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




ونسأل الله تعالى أن يسترنا بنعمته من فيض فضله وأن لا يعاملنا بعدله بل بإحسانه وأن يجعل لنا لسان صدقٍ في الآخرين.


والحمد لله في بدءٍ وفي ختمٍ.


[1] آل عمران: من الآية 140.

[2] هود: 102.

[3] مسند أبي يعلى 13/ 7322، وصححه الألباني في صحيح الجامع 1822.








الساعة الآن 07:27 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM