{فإذا انسلخ الأشهر الحرم...} هل هي الأشهر الحرم الأربعة؛ذوالقعدة وذوالحجة ومحرم ورجب ؟
 

بسم الله الرحمن الرحيم




{فإذا انسلخ الأشهر الحرم...} سورة التوبة 5


* قال ابن القيم في كتاب"أحكام أهل الذمة"2/879:

(ليست هذه الحرم هي الحرم المذكورة في قوله تعالى:{إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله منها أربعة حرم}[ذوالقعدة وذوالحجة ومحرم ورجب]

قال شيخنا-ابن تيمية-: ومن جعل هذه هي تلك فقوله خطأ؛ وذلك أن هذه قد بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح بأنها ذوالقعدة وذوالحجة والمحرم ورجب مضر...وهذه ليست متوالية...
ولايقال لمثل هذا:انسلخ، إنما يستعمل هذا في الزمن المتصل). انتهى


- ونسب ابن تيمية في كتابه"الجواب الصحيح" القول باختلافهما وأن المراد بآية{فإذا انسلخ الأشهر الحرم} أشهر السياحة في قوله تعالى:{فسيحوا في الأرض أربعة أشهر}.= إلى جمهور العلماء."1"

- بل ذكر ابن تيمية في المنهاج8/514 أن عدم التفريق بينهما من الأغلاط التي يعرف غلطها أهل العلم."2"


*قلت: فإن عنى اتفاق أهل العلم= ففيه نظر؛ فالقول بأن الأشهر الحرم في الآية الأولى هي نفسها التي في الثانية= قاله جماعة؛

- فقد جاء عن التابعي محمد بن علي الباقر"3"

- وقاله الكيا الهراسي"أحكام القرآن" وابن الهائم"التبيان" والقاسمي في تفسيره.

- بل نسبه المارودي وابن الجوزي والعز بن عبدالسلام إلى الجمهور !



* والصحيح أن القول بالتفريق بينهما هو قول الجمهور-خاصة من السلف-، ومن راجع كتب التفسير وغيرها"4"= جزم بخطأ نسبة الماوردي[ومن قلده كابن الجوزي والعز بن عبدالسلام] القول بعدم التفريق إلى الجمهور. والله أعلم.


*وممن جاء قوله صريحا بالفرق بينهما: مجاهد[وهو ثابت عنه] والضحاك والسدي وعمرو بن شعيب وابن إسحاق ويحيى بن سلام والواحدي والجصاص وابن العربي والرازي وعلم الدين السخاوي والبيضاوي والنسفي وابن جزي وأبوحيان وابن كثير والشنقيطي.


* وقد اختلف العلماء ما المراد بانسلاخ الأشهر الحرم في هذه الآية ؟

- والذي قاله ابن عباس"5" هو أنها من يوم النحر إلى انسلاخ شهر محرم وانتهائه.
وهو قول جماعة من السلف والخلف كقتادة ومقاتل والفراء وابن عطية.


والله أعلم والحمدلله
-----------------------------------------
"1" كذا تلميذه ابن كثير في تفسيره؛ عزاه إلى الجمهور.

"2" بل حكى ابن العربي المالكي في"أحكام القرآن" والبيضاوي في تفسيره= الإجماع على فساد القول بعدم التفريق.

"3" رواه ابن أبي حاتم في تفسيره، والراجح أن إسناده ثابت. والله أعلم

"4" وقد راجعت كتب التفسير الأصلية وغيرها.

"5" رواه الطبري وابن أبي حاتم والنحاس من طرق، وهو ثابت عنه.